شهرين من التأهيل النفسي والمساعدة القانونية قضيتهما في مركز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر في أبوظبي.
أنا فتاة آسيوية أنتمي لعائلة فقيرة جداً، كنت العائل الوحيد لأسرتي ووالدي رجل مسن، عملت في بيع الأقمشة والملابس، ولأن إيراد عملي كان قليلاً جداً فقد رغبت بالعمل في أي بلد آخر لأحقق دخلاً أفضل، وخلال تلك الفترة التقيت بسيدة حدثتني عن توافر فرص العمل في الإمارات، وعن الحياة الرغدة التي تتميز بها هذه الدولة، وأنه باستطاعتي السفر إلى هناك والعمل في نفس اختصاصي مع إمكانية العمل كخادمة عند أختها التي تعيش في أبوظبي إلى أن أحصل على عمل آخر، وقد تبرعتْ بمساعدتي وتجهيز كل ما يتعلق بسفري، فسعدت كثيرا بتلك الفرصة التي لن تعوض.
حين وصلت إلي مطار دبي، وجدت أخت المرأة أو التي ساعدتني بانتظاري، فأخذتني إلى شقتها التي كان فيها رجلاً لا أعرف ما صلة القرابة بينهما، لكنها أخبرتني أنني سأعمل خادمة عندها لقاء راتب شهري، وبدأت عملي فعلاً، لكنني لاحظت أن الكثير من الفتيات يترددن على البيت، ويلبسن ويتحدثن بطريقة أثارت شكوكي. وذات مرة سألت إحداهن في غياب سيدة البيت ماذا تعمل؟، لكنها ردت علي بذات السؤال، فأخبرتها أنني خادمة، فكان جوابي مضحكاً لها، وعلقت بالقول: هكذا أخبرونا في بادئ الأمر: أننا سوف نعمل خادمات، لكنهم استخدمونا للعمل في الدعارة!
أصابني حديث الفتاة بصدمة وبخوف شديدين، فطلبتْ مني الهرب إذا أردتُ النجاة بنفسي، والتوجه إلى أقرب مركز للشرطة، وحين وجدت الفرصة سانحة وكان جواز سفري معي هربت، طالبة من سائق التاكسي إيصالي إلى أي مركز شرطة، وهناك أخبرت الشرطة بكل ما حدث معي، وبكل ما سمعته، فأخذوا مني كل المعلومات التي ساعدتهم في الوصول إلى الشبكة، ثم تم تحويلي إلى مركز إيواء ضحايا الاتجار بالبشر لأنني كنت بحالة نفسية سيئة خوفاً من المرأة التي قد تتمكن من الوصول إلي والانتقام مني، لكن الجميع هناك طمأنني، وهناك وجدت مجموعة من الفتيات اللواتي تعرضن لتجربة مشابهة لتجربتي، وكن قد بدأن بتجاوز ما حدث معهن، بسبب الاهتمام الجيد والرعاية الكبيرة التي يتلقينها هناك.
واليوم.. وبعد قضاء فترة في المركز؛ لا أملك إلا أن أشكر القائمين عليه، وهم الذين يقدمون دعماً لامحدوداً لكل ضحية من ضحايا الإتجار بالبشر.